نابلس: أمين أبو وردة
في ظل احتدام انتفاضة الأقصى التي دخلت عامها الثالث و أخذت أشكالا
متعددة في المقاومة فان الحرب الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت سجل حضورا
مميزا في ظل مشاركة آلاف الفلسطينيين والعرب في مواجهة أبواق الدعاية
الإسرائيلية والغربية المساندة لها والتي تملك آلاف المواقع الإعلامية.وقدم
الفلسطينيون صورة جيدة لواقعهم المرير سواء على المواقع الفلسطينية أو
العربية والإسلامية والصديقة مزدوين بسجل حافل لمجازر الاحتلال التي شملت
الأطفال والنساء وحتى الحجر والشجر فيما أصيبت الدولة العبرية بالذهول
لهذا التفوق الغير معهود من الجانب العربي مما جعل ساستها يدقون ناقوس
الخطر حيال التفسيرات الإسرائيلية المضادة للهجمات العربية
الإلكترونية.وفي ظل الضعف الإسرائيلي وإمعان سلطات الاحتلال في تعذيب
الشعب الفلسطيني وايذاقه كافة صنوف الإذلال والاضطهاد فإنها شرعت بشن حرب
ضد المواقع الإلكترونية الفلسطينية والعربية على حد سواء من خلال تعطيل
تلك المواقع او الضغط على الشركات المزودة لها بوقف الخدمة عليها الأمر
الذي قابله حرب على نفس الغرار تمكن خلالها العشرات من خبراء الكمبيوتر
والإنترنت من ضرب مئات المواقع الإسرائيلية بما فيه موقع وزارة الخارجية
الإسرائيلية.
ووفقا لاستطلاعات الراي العام التي اجراها مركز البحوث والدراسات
الفلسطينية بنابلس فان نسبة من لديهم جهاز كمبيوتر بالمنازل الفلسطينية
بلغت 12 بالمائه في شهر سبتمبر الماضي فيما بلغت نسبة الاشتراك المنزلي في
الانترنت 6 بالمائه وفي العمل بالمائه.
اما معطيات دائرة الاحصاء المركزية فتشير الى ان نسبة من لديهم اجهزة
حاسوب تبلغ 12.7 بالمائة منها 13.5 بالمائه في الضفة الغربية و6.7
بالمائه بغزة.
وكانت شبكة “عروب” الفلسطينية قد تعرضت إلى “هجوم فيروسي” منذ الأسابيع
الأولى لاندلاع انتفاضة الأقصى حيث أدى إلى انتشار فيروس في معظم أجهزة
الشبكة فيما يعتقد أنها حلقة جديدة من مسلسل الحرب الإلكترونية بين العرب
وإسرائيل.
فقد تلقت الأجهزة الرئيسية لموقع عروب رسائل إلكترونية تحمل عنوان It Take
Guts To Say Jesus و Luyixi وفور تلقي موظفي الشبكة هذه الرسالة
الإلكترونية انتشرت بصورة سريعة الى جميع عناوين البريد الموجودة في دفتر
العناوين الإلكتروني مما أدى الى إرباك كبير في الشبكة وتبين فيما بعد ان
الرسائل المذكورة تحمل فيروسا خطيرا ينشر نفسه اتوماتيكيا وعند فتح
الرسالة يقوم هذا الفيروس بمحو جزء من ملفات القرص الصلب في الجهاز المصاب
واستطاع مهندسو الشركة معالجة الموقف بصورة سريعة حيث لم تتأثر أي معلومات
موجودة على “خادم الشبكة” , وذلك نتيجة للتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة
لحماية أل Server الخاص بـ “عروب”.
ونصح المختصون في شبكة عروب بمسح أي رسالة تحمل احد هذه العناوين دون
فتحها والتعامل بحذر مع أي رسائل إلكترونية تصل من جهات غير معروفة في هذه
الأيام وأضافوا انه يمكن تجنب الاصابة بالفيروس الجديد عن طريق تحميل احدث
نسخة من البرنامج المضاد لليفروسات (Norton 2000) أو (McAfee) .
وكان عدد من الهجمات الالكترونية المماثلة قد وقعت ضد العديد من المواقع
العربية ضمن اطار “حرب الكترونية” مستمرة بين العرب وإسرائيل منذ اندلاع
انتفاضة الأقصى فقد تم الاعلان عن انتشار فيروس عن طريق رسائل الكترونية
تحمل اسم “صور شهداء الاقصى” مما أدى الى اصابة العديد من أجهزة
المستخدمين العرب في شتى انحاء العالم باضرار فادحة.
وتشكل الفيروسات “المبتكرة جزءا هاما من الحرب الالكترونية الشاملة التي
تدور رحاها بين خبراء الشبكة العرب والمسلمين من جهة وخبراء اسرائيليين
وحلفائهم من جهة أخرى فقد شملت الحرب عمليات تعطيل مواقع رئيسية في كلا
الطرفين عن طريق إرسال كم هائل من المعلومات بصورة منتظمة إلى المواقع
المستهدفة مما أدى الى تعطل الموقع او شل خدماته لفترة من الوقت وإشارت
آخر إحصائية عن الحرب الدائرة الى ان عدد المواقع الاسرائيلية التي تم
تعطيلها قد بلغ 35 موقعا رئيسيا ضمنها مواقع حكومية هامة مثل “وزارة
الدفاع الاسرائيلية” وغيرها. وفي المقابل بلغ عدد المواقع العربية التي تم
ايقاف خدماتها نتيجة لهجمات اسرائيلية 12 موقعا منها مواقع لـ “حزب الله
اللبناني” وأخرى لمؤسسات مؤيدة للفلسطينيين في انحاء العالم.
وتعرض موقع حركة حماس لهجوم في اعقاب عملية نتانيا التي قتل فيها
اسرائيليان وتم تحويل الصفحة الرئيسة فيه الى موقع جنسي فيما وجهت
الاتهامات الى ” هاكرز” الاسرائيلي.وتمكنت الطواقم الفلسطينية والعربية من
الرد بسرعة بضرب مواقع اسرائيلية بما فيها موقع ارئيل شارون والبرلمان
(الكنيست) الاسرائيلي وتم اعتبار الحرب الاكترونية نوعا من الجهاد وشكلا
من اشكال الانتفاضة الفلسطينية.
و كشف (حزب الله) عن حرب تكنولوجية تشنها اسرائيل على موقع الحزب على
الانترنت واوضح المشرف على هذا الموقع علي أيوب ان موقع (حزب الله) على
صفحة الانترنت انهار تماما يوم اسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة في شبعا
وذلك اثر تلقيه عشرات الالوف من الرسائل الالكترونية في وقت واحد .وكانت
عملية القرصنة قد جرت من خلال التوجه لدخول الموقع من نحو 9 الاف شخص
قابلتها نسبة مساو . وردا على تلك المحاولات تمكن انصار الانتفاضة من
تحقيق انجا**دم كهدية لشبان الانتفاضة والمقاومين من خلال تعطيل اكثر من
ستين موقعا اسرائيليا على شبكة الانترنت ومن سائر القطاعات بالاضافة الى
مواقع مساندة لاسرائيل, وكانت تلك المواقع تظهر عليها شعارات وعبارات “ضد
اسرائيل” و”مع حق الشعب الفلسطيني” الى جانب بعض الصور لبعض الاطفال الذين
قتلوا على ايدي الجنود الاسرائيليين.
ويدعي الاسرائيليون في رسائلهم التي يبثونها عبر الانترنت احتلها مؤقتا
افكار سياسية يدعي فيها ان الفلسطينيين هم من قتل الجنود الاسرائيليين
وانهم لايريدون السلام مؤكدا ان الطرف الفلسطيني يعتمد على حد زعمه وضع
الاطفال في مقدمة المواجهات مع جنود قوات الاحتلال في صداماتهم اليومية
التي تأتي ضمن انتفاضة الاقصى الحالية مشيرا الى ان اليهود ليسوا قتلة
للاطفال.
ومن بين ما يقوله المخرب في رسالته ان اليهود لايوجد لديهم مكان يذهبون
اليه غير فلسطين ولكن العرب والمسلمون يحكمون اكثر من 99% من منطقة الشرق
الاوسط مؤكدا عدم اهمية القدس المحتلة للعرب والمسلمين لأنها على حد قوله
لم تذكر في القرآن الكريم ولو مرة واحدة .
ويضيف المخرب الإسرائيلي بعد نشره لعدد من الصور المختارة بعناية لتظهر ان
الفلسطينيين يقومون بالارهاب وتدريب الاطفال على تكريس كره ومقاومة قوات
الاحتلال بانهم متوحشون ويستخدمون المقاومة العنيفة والقنابل والمتفجرات
البترولية المولتوف والاسلحة اليدوية والصخور مشيرا الى عجز اسرائيل عن
مواجهة تلك المقاومة العنيفة ويصف ابطال الانتفاضة بانهم ثوار معتدون .
وفي استطلاع اجرته محطة L B C اللبنانية بتاريخ 23/8/2002 حول أي المواقع
هي الأفضل على الإنترنت من ناحية دعم القضية الفلسطينية فجاء الترتيب
كالتالي:
www.Moqawama.netwww.Palestine-info.infowww.sabiroon.comwww.qassam.netوتلي هذه المواقع مواقع أخرى. ويذكر أن هذا التنافس لخدمة القضية
الفلسطينية وجد استحسانا في الشارع العربي والإسلامي حيث يجتهد الجميع في
خدمة قضية واحدة.وقد تعرضت المواقع السابقة لهجمات القراصنة الاسرائيليين
وخاصة المركز الفلسطيني للاعلام المقرب من حركة حماس.
يشار الى ان نفس المواقع جرى عليها تصويت مسبق في قناة أبو ظبي في برنامج
“كليك” وقد حازت مجموعة هذه المواقع على نسب متفاوتة، لكنها هي من تصدر
للعمل الإعلامي الذي حاول تغطية الأحداث في الأراضي المحتلة ومتابعة
الانتفاضة بشكل يومي، حيث يشهد لهذه المواقع تسجيلها يوميات الانتفاضة
ومجازر الاحتلال وإرهاب الدولة العبرية، حيث يسجل كل حسب طريقته و
أسلوبه،حيث تعطي هذه المواقع بمجموعها صورة متكاملة للحالة الفلسطينية على
أرض الإسراء والمعراج، وقد انفردت هذه المواقع في سرد قصص المقاومين
وبطولاتهم حيث أصبحت هي المرجعية الأولى و الرائدة في هذا المضمار.
ويقول خبير فلسطيني رفض الكشف عن اسمه أن عملية مهاجنة المواقع
الالكترونية سهلة جدا وتتوفر معلومات عنها في العديد من مواقع الانترنت
ويتم تبادلها عبر غرف الدردشة من قبل الاف العرب والفلسطينيين ويتم
المناشدة للمشاركة في اسناد الفلسطينيين من خلال بث أسماء وعناوين المواقع
الإسرائيلية المستهدفة.
وسعيا من الفلسطينيين للتغلب على اجراءات الحصار الاسرائيلي ومنع التجول
المفروض على معظم مناطق الضفة الغربية فقد لجئوا الى شبكة المعلومات
الدولية “الانترنت” للتواصل وتبادل الاخبار . فالمواطنة علياء ابو بكر من
نابلس والمتزوجة في قلقيلية لم تجد طريقة لتعريف اهلها بطفليها الصغيرين
سوى ارسال صورهم عبر شبكة المعلومات الدولية/الانترنيت/ بعد ان حال الحصار
ومنع التجول من تبادل الزيارات منذ زهاء خمسة اشهر.وتقول المواطنة ابو بكر
انها تألمت كثيرا بسبب ولاتها لطفلها الاخير في ظل غياب والدتها التي
عودتها ان تكون بجانبها في كل ظروفها الصعبة وكان اكثر ايلامها ان والدتها
لم تشاهد طفلها الجديد مما اضطرها لارسال صورته عبر البريد إلكتروني.
وأشارت شقيقتها مي إلى أن أفراد الأسرة جميعا تحملقوا حول جهاز الحاسوب
لمشاهدة الطفل الجديد بل إنها جعلت تلك الصورة خلفية للجهاز لتبقى صورته
أمامهم جميعا.
وتعرضت الشركات المزودة لإنترنت لاضرار كبيرة بسبب منع التجول حيث أشار
خبراء شركة زيتونة سوفت إلى انه في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن
والتي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي من إغلاقات ومنع تجول الأمر الذي
يعيقهم في التواجد في مقر الشركة بشكل متواصل، وأعلنوا استعدادهم في تلبية
جميع طلبات المشتركين وحل مشاكلهم التي قد تواجههم في الاشتراك بخدمة
المعلومات الدولية والبريد الإلكتروني من خلال الاتصال بهم يوميا على الخط
المساعد .
ويشير الباحث والإعلامي الفلسطيني سامر خويرة إلى أن شبكة الإنترنت لعبت
دورا بارزا في إيصال الحقيقية حول معاناة الفلسطينيين إلى شعوب العالم،
فعملت المواقع الفلسطينية والعربية على نشر المعلومات والوقائع والأحداث
الجارية على الأرض وبلغات عدة، وراحت تتسابق في تقديم الجديد على صفحاتها،
وكما قامت باستحداث صفحات وملفات خاصة للقضية الفلسطينية عرضت من خلالها
آخر المستجدات المتعلقة بالانتفاضة وسجلت الأحداث اليومية لها من مواجهات
بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين وما يرافقها من وقوع شهداء
ومصابين، وكذلك هدم البيوت التي تقوم بها الجرافات الإسرائيلية وتشريد
عشرات العائلات وعمليات الاغتيال التي تنفذها الدولة العبرية بحق القادة
السياسيين والعسكريين من مختلف التنظيمات والفصائل الفلسطينية.
وكما عمل الإنترنت على إبراز حجم المعاناة الفلسطينية جراء الممارسات
الإسرائيلية وخاصة الحصار الخانق المفروض على المدن والقرى والمخيمات
الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة تلحق بالمواطنين
الفلسطينيين، حيث أفردت المواقع الإخبارية صفحات عدة لسرد عشرات القصص
التي تجسد ما يلاقيه الإنسان الفلسطيني بسبب السياسات القمعية والمجحفة
بحقه.
وأشار خويرة إلى أن هناك مساحات واسعة لرصد ردة الفعل الفلسطينية
والمتمثلة بالمقاومة ضد الأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل، فرصدت
المسيرات والمظاهرات التي يخرج بها الآلاف من الفلسطينيين معبرين عن سخطهم
من تلك الأعمال الاستفزازية الإسرائيلية، وحظيت حركات المقاومة الفلسطينية
على اختلاف أطيافها ومشاربها السياسية والفكرية باهتمام بالغ، وما كانت
تقوم به من عمليات نضالية أفقدت العدو الإسرائيلي توازنه في الكثير من
المرات وخاصة التي كانت تقع داخل العمق الإسرائيلي، وكما دافعت المواقع
الإعلامية على شبكة الإنترنت عن المقاومة الفلسطينية الإسلامية منها
والوطنية، حيث ساهمت في تعريفها وتبيان أهمية دورها النضالي في دحر
الاحتلال الغاصب على الرغم من ضعف الإمكانيات المتوفرة لها، وفندت
الادعاءات الإسرائيلية التي كانت تصور الإسرائيلي على انه ضحية للإرهاب
الفلسطيني.
وعلى الجانب الأخر رصدت المواقع الإعلامية على شبكة الإنترنت المجتمع
الإسرائيلي وكشفت حقيقة الضعف والتم** الموجود عليه ذلك المجتمع، وأظهرت
مدى الخوف الإسرائيلي من المقاومة الفلسطينية، ومدى الخسائر التي لحقت
بالدولة العبرية جراء الانتفاضة، وخاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي
بعدما تراجعت السياحة وأغلقت عشرات الفنادق أبوبها، وتوقفت الهجرة
اليهودية لإسرائيل ونشطت الهجرة المضادة، وكانت ترصد بشكل شامل آخر
استطلاعات الرأي التي كانت تجري داخل المجتمع الإسرائيلي والتي أظهرت
التأييد الكبير لإبادة الفلسطينيين أو على الأقل ترحيلهم عن هذه الأرض،
وكذلك التصريحات المعادية التي كان يتفوه بها قادتهم حينما وصفوا
الفلسطينيين بالأفاعي أو ما شابه ذلك، وهي تظهر مدى الحقد الدفين
والكراهية التي يكنها الإسرائيليون للعرب والمسلمين بشكل عام وللشعب
الفلسطيني على وجه الخصوص.