السلام عليكم و رحمت الله و بركاتة
نبدا بكتابة القضه وارجو انه تكون مشوقه واهي روعه مره..
ذات مساء،وبالضبط
مساء يوم احد؛ وبينما كنت أرنو الى الفضاء الذي تعانق مع نخلة السجن،
شدّني منظر النخلة وابهتها وكبرياؤها الذي يعانق السماء، تأملتها بكلتا
حدقتيّ، وفتحت المجال للتصورات والخيال ان يحل على شريط طويل سريع، يطبع
في حجرات عيني الحلم القريب والافراج المنتظر وصور الاصدقاء والاهل. كل
ذلك كان يمر في ومضات سريعة، وفي وقت زمني قصير لا يسمح ببقائه طويلا لأن
الفكرة تركض وراء الفكرة، والصورة تطرد الصورة، فالخيال واسع وشريط
الذاكرة سريع. وفجأة وبينما كنت اطلق لخيالي العنان... تجسدت بجانب النخلة
امام عينيّ فتاة ...لم اصدق ما ارى، ففركت عينّي، ازداد جمالها في
نظري...انها حقاً آية في الجمال يعج**لم ابلغ الشعراء عن رسمها
بالكلمات.. ذات رداء اخضر ربيعي، وزاد من جمالها، شلال شعرها الاسود
المتموج الذي تدلى مسترسلا حتى تعدى الخاصرة...اما الوجه فكان لوحةفي غاية
الخلق والجمال ..سبحان الذي ابدعه وابدع رسم العينين في محجريهما...هزت
النخلة بيديها، وراحت تمارس لعبة الدوران حول جذعها برشاقة الغزال...رفعت
راسها لتلتقي عيناي بعينيها السوداوين الواسعتين ...رمقتني بنظراتها
فانسابت سحرا خفق له قلبي بين الضلوع، وانفرجت شفتاها راسمة ابتسامة
ملائكية عذبة، دخلت قلبي فملكته، وتغلغلت في ثنايا دماغي، ففعلت به ما
يفعل الخمر بعقل شاربه...ومرة اخرى وفي لمح البصر وقبل ان يرتد طرفي
استدارت نحو النخلة واختفت...
بقيت في مكاني
انظر الى نفس المكان، متسمرا شارد الفكر ينتابني الذهول، وبقيت على حالي
هذه حتى ارخى الليل سدوله وتعذرت الرؤيا وحجب الظلام النخلة، ولم يعد في
استطاعتي ان ارى شيئاً.
تحركت من مكاني،
تحسست نفسي جيدا, فخلت انني انما كنت في حلم جميل .وحاولت ان اقنع نفسي ان
ما حدث لا يتعدى الحلم والذي لم يعد له في حياتي وحتى في خيالي أي اثر او
تأثير...الا انني احببت الجلوس بجانب النافذة، استمتع بالبحث عن فتاة حلمي
علها تظهر ثانية.وبين الحين والحين، كنت اسرق من الانتظار لحظات حنين
للاهل والاصدقاء ...بقيت على حالي هذه ستة ايام، وفي اليوم السابع وعندما
مالت الشمس نحو الغروب وفي نفس الموعد ونفس اللحظة ظهرت بجانب النخلة
...نعم انها هي، ذات الرداء الاخضر، ذاتها ، لكنها جلست هذه المرة في حضن
الارض، بجانب النخلة، وكانها زهرة الهية في معبد الجمال...تسارعت دقات
قلبي. كنت لحظتها لا اسمع سوى صوت انفاسي المتعاقبة الساخنة، ضغطت باتجاه
اسكات تلك الانفاس الحارقة، وما هي الا لحظة حتى رمقتني بنظرتها الساحرة
والابتسامة على شفتيها كانها انشودة عشق عذبة.
انتظرها القلب
طويلا ليروي منها الظمأ، لتبعث فيه الحياة... ولكنها سرعان ما اختفت
ثانية، وكانما كانت تخشى عتمة الليل ووحشة السجن وهول الزنازين...
عدت الى واقعي:
سجن وسجان، اخوة واصدقاء ورفاق خلف القضبان، كنت احاول ان ابعدها عن
تفكيري، وان لا اجعلها تسيطر عليه، وتكرر انتظاري لها، ومشاهدتها كل يوم
احد من ايام الاسبوع لعدة ثوان او لحظات، وفي كل مرة كنت اخلو فيها الى
نفسي كنت أتساءل: هل جئت الى هذا المكان حتى اعشق حلماً او خيالاً ؟؟وهل
سجنت لاعشق من خلف القضبان فتاة تظهر وكأنها سراب؟استسلمت لأسس العلم
وفلسفة العلماء، واقنعت نفسي ان ما راودني ان هو الا خيال، وما صاحبة
الرداء الاخضر هذه الا وهم بعيد المنال، غير خاضع حتى لمجرد التفكير فيه،
و ان وجودها لا يخضع لاي احتمال، ومع هذا، وفي لحظات الجد كان فكري وخيالي
يسرح فيما ارى.كنت لا اصحو على نفسي الا وانا اكتب اشعاراً لها، وارسم
لعينيها ما رقّ من الكلام، حتى وجدت نفسي في نهاية المطاف انظم عواطفي في
خيوط من نور جمالها الأخّاذ، واصبحت اسير محبة فتاة حلمي ,فاحببتها حبا لا
يعرفه الا من هزت جدران قلبه اشعة الحب وسحره الذي لاينضب...
حاولت من جديد ان
امنع نفسي من التفكير فيها فلم اجد الى ذلك سبيلاً .وكنت اساور نفسي واعيش
معها لحظات في حلمي الجميل، اخشى ان يوقظني صوت بعوضة من بعوض حمّام
السجن، ويقطع علي حبل الاحلام والاسترسال في تصور جمال عينيها وروعة
ابتسامتها التي ارتسمت في مخيلتي، بل في عيوني.
توالت الايام،
واصبح املي الوحيد في هذه الحياة أن تطل عليّ من عند النخلة. انقضى نصف
عام من عمر الزمن، وامضيت مدة حكمي في السجن، وجاء يوم الافراج، يوم
الحرية الذي تتعطش له كل نفس اسيرة من وراء قضبان السجن ...اصبحت حرا، فما
اجمل ان يكون الانسان حرا طليقاً كفراشة، يشاهد ما يشاء،يجالس الاهل
والخلان بفرح يغمر القلوب، وحب الاهل الذي لاتعرفه الا طيور الحب، وروح كل
اسير مازال
بتتبع