نتيجة لقسوة التاريخ,
قسم الشعب الفلسطيني الى ثلاثة اجزاء, فأصبح كالمثلث باضلاعه الثلاثة:
قاعدته سكان الضفة الغربية وغزة. وضلعه الأول هم فلسطينيو الشتات، بينما
يشكل مواطنو" إسرائيل" الفلسطينيون، الضلع الثالث، الضلع الأقصر...وهم
"المكوِّن" الأصغر، لكن ما من مثلث بدونهم. كما أنهم مختلفون لأنهم
مواطنون في "إسرائيل"، مع كل المعاني الإيجابية والسلبية لذلك.
ألتسميات:
ان التسميات معقدة، فذلك يقول "فلسطينيي 48" وآخر "عرب 48" أو "عرب
الداخل"، أو "الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل"، أو "الأقلية
الفلسطينية في إسرائيل" رغم مأساوية تسمية أهل الوطن بـ "الأقلية"، ولكن
بالإمكان التعايش مع هذه المصطلحات، أما "عرب إسرائيل"، فحقا انها تسمية
قاسية ولا ترحم، فقد يكون لإسرائيل عرب، ولكنهم قلّة، وقلّة جدا جدا. ان
فلسطينيي 48 أكثر الجماعات اهتماماً بوضع نهاية للصراع
الإسرائيلي-الفلسطيني لأنهم يؤمنون من حيث المبدأ بوضع نهاية للاحتلال
وبتقرير المصير للشعب الفلسطيني، ولأنهم يعتقدون، من زاوية موقعهم
كمواطنين، أيضاً أن إنهاء الاحتلال سيحسن العلاقات اليهودية-العربية. إلا
أن هذه العلاقات ستشهد توتراً ما أن تظهر دولة فلسطينية إلى الوجود، مع
صعود قضايا المساواة والتمييز وموقع الأقلية القومية وما سواها إلى
المقدمة في إسرائيل...!
لم تكل دولة إسرائيل ومؤيدوها من التبجح بادعاء
أن إسرائيل ديمقراطية ومتسامحة وكافلة، في مقابل (هذا ما يضيفونه
عموماً)الطغاة الشوفينيين والمتعصبين المحيطين بها في الشرق الأوسط.
والدليل الأول في هذا الخداع الدعائي هو مواطنو إسرائيل الفلسطينيون،
الذين يُقدمون على أنهم مواطنون يتمتعون بحقوق كاملة ومساوية في الدولة
اليهودية والديمقراطية. ولكن كيف تتعامل الأقلية العربية في إسرائيل مع
تعريف إسرائيل لنفسها على أنها دولة يهودية وديمقراطية؟
ان إسرائيل
تعرف نفسها على أنها يهودية وديمقراطية، إلا أن المساواة منعدمة بين
اليهود والعرب في مجالات الحياة كافة. ومعظم الفلسطينيين في اسرائيل لا
يقبلون هذا التعريف؛ فهو يعمق اللامساواة. وثمة تناقض بين الديمقراطية
وتعريف إثني لدولة يهودية. وفي المحصلة، فإن إسرائيل وفي كلا الأمرين
"ديمقراطية ويهودية" بالفعل، لكنها ديمقراطية تجاه اليهود ويهودية تجاه
العرب. تتغافل هذه الحيلة المبتذلة عن نقاط حاسمة، أكثرها وضوحاً هي حقيقة
أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي
يعانون من تفرقة عنصرية رسمية وصريحة يعززها احتلال عسكري في القدس
الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.
وبطبيعة الحال، تتناسى أيضاً
التمييز الخطر الذي يواجهه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، بحكم
القوانين وبحكم الأمر الواقع. فواقع الحال أن المجتمع الفلسطيني داخل
الحدود الإسرائيلية المعترف بها دولياًً أثبت مناعة كلية على الهضم من قبل
الدولة اليهودية، وهو يشكل مصدر قلق عميق ومتنامٍ للأكثرية.
ويظهر هذا
القلق في أسطع صوره في الخطاب حول الديموغرافيا والسكان في إسرائيل، حيث
تجري العادة على الإشارة إلى المواطنين الفلسطينيين بوصفهم "قنبلة سكانية
موقوتة" أو "تهديداً ديموغرافياً"، وليس على أنهم بشراً.
وقد تم عرض
هذه المخاوف كاملة في مؤتمر هرزليا الذي انعقد في كانون الأول من العام
2003، عندها قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ورئيس حزب الليكود
الحالي" بينيامين نتنياهو" إن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يمثلون
"التهديد الديموغرافي" الحقيقي للدولة اليهودية، فإذا تنامى عددهم من نسبة
20% الحالية إلى "ما بين 35-40%"، فإن إسرائيل ستصبح- مصيبة
المصائب-"بلداً ثنائي القومية..!
وذهب د. إسحاق رافيد، وهو باحث متمرس
يعمل في سلطة تطوير الأسلحة التابعة للحكومة الإسرائيلية، إلى أبعد من ذلك
فطالب إسرائيل في المؤتمر بأن "تنفذ سياسة صارمة في مجال تخطيط العائلة
فيما يتعلق بسكانها من المسلمين". ونبه إلى أن "غرف التوليد في مشفى
سوروكا في( الموجود في مدينة بئر السبع) قد تحولت إلى معمل لإنتاج سكان
متخلفين".
وبينما لم تنفذ سياسيات من هذا النوع بعد، فإن إجراءات
تمييزية تحول دون ازدياد عدد المواطنين الفلسطينيين الإسرائيليين كانت قد
نُفذت. ففي تموز من العام 2003، استحدث الكنيست قانون القومية والدخول إلى
إسرائيل، مانعاً المواطنين الإسرائيليين المتزوجين من قاطني الأراضي
المحتلة من العيش في إسرائيل مع أزواجهم. وقد صمم القانون خصوصاً لمنع
المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من توسيع نطاق منفعة وضعهم كمواطنين
ليشمل فلسطينيين من الأراضي المحتلة عبر وسيلة الزواج. وبطبيعة الحال، فإن
كل الآخرين ممن تزوجوا بإسرائيليين يمكنهم السفر إلى إسرائيل والعيش مع
عائلاتهم.
وما يكمن في قلب هذه المشاغل ليس الخوف من أن يقوض المواطنون
الفلسطينيون في المستقبل مكانة الغالبية العظمى من اليهود الإسرائيليين
وحسب، بل والشك في أنهم سيشكلون طابوراً خامساً غير موالٍ أيضاً. فحضورهم
هو تذكير دائم بالسكان العرب المهجرين، وبالخطيئة الأصلية للتطهير العرقي
وطرد السكان، التي كانت عنصراً ضرورياً في اختلاق دولة يهودية في فلسطين.
وبينما
تنامى لدى المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الاقتناع وتعلموا التعامل مع
مفارقة هويتهم القومية، فقد كُثفت الجهود لقمع تعبيراتهم السياسية عن
الذات.
في تشرين الأول من العام 2000، انطلق الفلسطينيون داخل إسرائيل
في عدد من المظاهرات دعماً للانتفاضة التي كانت قد بدأت قبل ذلك بأسابيع
قليلة في الأراضي المحتلة"انتفاضة الأقصى" والتي كانت زيارة"شارون" الى
الأقصى المسبب الرئيس لاندلاعها, وقد حدث ذلك عندما كان "ايهود باراك"
زعيم حزب العمل الحالي رئيسا للوزراء الاسرائيلي. فقامت القوات
الإسرائيلية بقمع هذه المظاهرات بوحشية ما كانت لتستخدمها ضد متظاهرين
يهود، فقتلت 13 مواطناً فلسطينياً إسرائيلياً وجرحت المئات. هذه الحوادث
هي برهان على الشقاق السياسي بين السكان الفلسطينيين واليهود في إسرائيل،
وعلى الموقف العدائي أساساً لدولة إسرائيل تجاه مواطنيها العرب.
وحكاية
شبيهة بهذه هي قصة العمل السياسي لعزمي بشارة، الشخصية السياسية القيادية
الفلسطينية في إسرائيل. فقد كان بشارة هو عضو الكنيست الوحيد الذي يتعرض
لإطلاق النار من قبل الجنود الإسرائيليين، كما واجه تهماً بالخيانة بسبب
تأييده لحق اللبنانيين والفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي في
المقاومة.
ولا يتفوق على عداء الدولة الإسرائيلية لأقليتها العربية،
برغم كل شيء، إلا عداء الجمهور اليهودي لها. فقد أظهر استطلاع للرأي جرى
في حزيران من العام 2004 أن 64% من الجمهور اليهودي في إسرائيل يعتقون أن
على الحكومة أن تشجع المواطنين الفلسطينيين على الرحيل عن البلاد. وفوق
ذلك، قال 55.3% من الإسرائيليين اليهود إن المواطنين الفلسطينيين يشكلون
خطراً على الأمن القومي، وقال 45.3% أنه يتوجب منعهم من التصويت أو من
الوصول إلى المناصب السياسية.
وحقيقة الأمر أن تعريف إسرائيل القلق
لذاتها كدولة "يهودية وديمقراطية" هو تعريف متنافر الحدود، ذلك أن تجربة
أقليتها الفلسطينية الكبيرة والمتنامية- ناهيك عن ملايين المحرومين ممن
يعيشون تحت وطأة الاحتلال العسكري- تشهد بوضوح على ذلك. بالفعل، فالمؤشرات
الحالية تشير إلى أن إسرائيل تصبح أقل يهودية، بالمعنى الديموغرافي، كما
تصبح أقل ديمقراطية.
فلسطينيو 48 و"حق العودة":
سؤل "هاشم محاميد" وهو من القياديين البارزين في الجماهير الفلسطينية في"اسرائيل" عن رأيه في هذا الحق:
ما
هو مصير الفلسطينيين الدين طردوا من بلادهم سنة 48؟ وهل لدى اليهود أدنى
شك في أنهم سوف يأتي عليهم يوم يُطردون فيه من الأراضي المحتلة، وأن الحق
سوف يعود إلى أصحابه؟
أجاب محاميد: إن هناك قرار 194 الذي يتحدث هو
وقرارات أخرى عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وأرضهم، وهو حق طبيعي وشرعي
تضمنه الشرعية الدولية. لكن لدي تحفظ من موضوع "طُرد". فنحن نريد أن نصلح
ما حصل من طرد ونحن ضحايا الطرد والشتات، ويجب ألا نجعل من أنفسنا عنصريين
أو طاردين للآخرين، فنحن المطرودون والذين نذبح، وما نريده هو أن يضمن حق
شعبنا في العودة إلى أرضه، ولا نريد أن نطرد أحدا، ونريد الحياة، ولا نريد
الموت للآخرين
وكما قلت العودة حق مشروع وطرد اليهود في المقابل من
إسرائيل أمر غير واقعي، وأعتقد أننا سنصل إلى حل واقعي، وكما قلت لا يمكن
أن نصل إلى العدالة المطلقة؛ فالعدالة المطلقة عند ربنا فقط، وهي ليست بين
البشر، وهذه العدالة إذا ما كانت محاولة لفرضها على الأرض فمعناها أن يقضي
شعب على الآخر وثبت ألا أحد يستطيع أن يقضي على شعبنا..!
"شارون" حاول،
وطيلة أكثر من 50 سنة حاولوا ذلك, وسنة 72 قالت "غولدا مائير" رئيسة وزراء
إسرائيل آنذاك: "أين هو هذا الشعب الفلسطيني الذي تتحدثون عنه اتوني
بفانوس حتى أبحث عن هذا الشعب المزعوم...!
وتبين أن كل هذا فقاقيع من
الصابون، وتبين أن الشعب الفلسطيني موجود رغم أنف العنصريين, ولذلك بما
أننا ضحايا سياسة عنصرية، فلا يمكن أن نكون عنصريين، ونحن المظلومون
والمقموعون، ولسنا الظالمين ولا القامعين. وبالمناسبة أعتز أننا كذلك
وأعتز أننا نحافظ على إنسانيتنا وكأننا شعب من الملائكة؛ لأنه رغم كل ما
تعرضنا له من أساليب الدوس على الحقوق والكرامة ما زلنا وسنبقى نحتفظ
بإنسانيتنا..-هذا هو رأي هاشم محاميد-.
الانتخابات الاسرئيلية والأحزاب العربية:
تتنافس
الأحزاب العربية والاسرائيلية في كل انتخابات جرت وتجري داخل فلسطين48 من
أجل كسب أصوات المواطنين العرب الذين يمثلون قرابة ال20 % من تعداد سكان
إسرائيل ، لكي يتمكن كل حزب من تجاوز نسبة الحسم والحصول على أكبر عدد
ممكن من المقاعد.
وينقسم الفلسطينين في اسرائيل الى عدة اقسام, فمنهم
من يقاطع الانتخابات من حيث المبدأ, ومنهم من لا ينتخب في انتخابات معينة
وينتخب في اخرى, ومنهم من يصوت للاحزاب الاسرائيلية المختلفة, والقسم
الاخير يقوم بالتصويت للاحزاب العربية وحسب انتمائاتهم الحزبية.
وهناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها الناخب العربي:
الاستياء
من أداء الأحزاب العربية: حيث ينظر بعض فلسطيني الداخل للأحزاب العربية
على أنها قامت لتحقيق مصالح شخصية ولا تخدم بعملها إلا مصلحة القائمين
عليها ويتهم المرشحين بأنهم منتفعون ولا يعملون لمصالح الجماهير العربية ،
وبالتالي يفسرون الانقسام التي تشهده الساحة الحزبية العربية على أنه صراع
على المصالح وليس نتيجة للاختلاف في الأيدلوجيات والسياسات التي يتبناها
كل حزب.
تعيش الأحزاب العربية أزمة حقيقية أفقدتها مصداقيتها ودورها
المؤثر داخل المجتمع العربي خاصة في السنوات الأخيرة، ويمكننا تلخيص هذه
الأزمة في النقاط التالية:
تعاني الأحزاب العربية من جمود حقيقي في
برامجها فمنذ عدة سنوات وبرامج هذه الأحزاب لم يتغير كما أنها لم تستطع
تحقيق أي من بنود هذه البرامج على أرض الواقع.
فشل الأحزاب في تشكيل
تكتل موحد يجمع بينها تخوض من خلاله الانتخابات بالرغم من تأكيد الجميع
على أهمية الوحدة لتحقيق الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد داخل الكنيست.
عدم توجيه الأحزاب اهتماما كبيرا لإنشاء مؤسسات وجمعيات أهلية تعمل على
الاهتمام بفلسطيني الداخل وكما لو كان هناك تناقضا بين القيام بالأنشطة
الاجتماعية وبين نشاط الأحزاب السياسية، وكأن تقدم الجمعيات الأهلية سيؤدي
إلى تراجع الأحزاب السياسية، في حين أن الحاجة الحقيقية لفلسطيني الداخل
الذين يعيشون في ظل غياب الدولة هي لمثل هذه الأدوار وليس للعمل السياسي.
طبيعة الخطاب المهادن لبعض الأحزاب العربية ،حتى بدت وكأنها أحزاب
"إسرائيلية"خالصة، أفقد الجماهير العربية روح النضال وأطفأ جذوة المقاومة
السياسية عند الناخب الفلسطيني ومن ثم فقد الناخب العربي الدافعية للتصويت
للقوائم العربية. ولكن توجد" ظروف معينة" تفرض واقعها على الناخب العربي,
فمثلا يشار في هذا الصدد إلى التجمع العربي برئاسة "عزمي بشارة"،قد كان
أفضل حالا من غيره من الأحزاب العربية الأخرى في الانتخابات التي جرت
عام2003 , حيث فاز بثلاث مقاعد،إذ أفادته الضربات التي وجهتها لها السلطة
الإسرائيلية، فرفعت من شعبيته وزادت من تماسكه الداخلي.. والمعروف أن لجنة
الانتخابات العليا كانت قد أوصت بمنع "عزمي بشارة" وحزب التجمع من خوض
الانتخابات بدعوى تأييد "عزمي بشارة" للعنف الموجه ضد إسرائيل، وهو نفس
الاتهام الذي كان قد أدى إلى رفع الحصانة عنه في نوفمبر من عام 2001، ومما
لا شك فيه أن كافة هذه الإجراءات قد ساعدت بشارة على كسب تعاطف الجماهير
العربية، كما أخافت السلطة الإسرائيلية من الإصرار على منعه من خوض
الانتخابات، فرفضت المحكمة العليا التوصية التي وضعتها لجنة الانتخابات
ليخوض التجمع العربي المعركة ويصبح الفائز الأكبر بين الكتل العربية في
انتخابات عام 2003
وأخيرا، فإنه يمكن القول أن فلسطينى 48 لم يستطيعوا
زيادة قوتهم بسبب رئيسى وهو أنهم لم يستطيعوا أن يقفزوا بعد على خلافاتهم
الشخصية والحزبية، كما أنهم ما زالوا لم يحسموا بعد كثير من الجدالات
المزمنة التى يأتى فى مقدمتها جدال المشاركة أو عدمها فى الانتخابات
الإسرائيلية ومدى جدوى تلك المشاركة، وهو الجدل الذى يرتبط بتعريف فلسطينى
48 لهويتهم ولمدى اندماجهم فى النظام الإسرائيلي. ومما لا شك فإن عدم حسم
مسألة جدوى المشاركة يحول بشكل أساسى دون إمكانية تفعيل المشاركة السياسية
لفلسطينى 48 ... ولا ينف ذلك بالطبع دور الممارسات الإسرائيلية العنصرية
تجاه فلسطينى 48 فى فقدان الأمل لدى الكثيرين منهم فى إمكانية تعديل تلك
الأوضاع عبر المشاركة فى الانتخابات، والوصول إلى استنتاج مؤداه أن
مشاركتهم فى الانتخابات إنما تخدم النظام الإسرائيلى بالدرجة الأولى
لتسويق مزاعمه حول الديمقراطية الإسرائيلية. ومع ذلك يظل أهمية للتأكيد
على أنهم يبقون فى النهاية أقلية برلمانية تدافع عن أقلية عربية ترفض
التهميش وتسعى إلى زيادة قوتها وفعاليتها فى النظام الإسرائيلي، وعليها أن
تعمل من أجل زيادة قوة تلك الأقلية على الأقل داخل الكنيست وبما يتوافق
وحجم الأقلية العربية فى إسرائيل.
وعن رأيه في التصويت في الانتخابات عام 1995 سؤل هاشم محاميد:
ما
موقف عرب إسرائيل الموحد من الانتخابات الإسرائيلية؟ وهل يوجد موقف موحد
أم متروك لكل على حدة وقد قرأت أنه إذا امتنع عرب إسرائيل عن التصويت فلن
يصل شارون فما مدى صحة ذلك؟ السؤال أولا: نحن لسنا عربا لأحد ولسنا عملة
إسرائيلية ولا سلعة لأي جهة في العالم، نحن عرب فلسطينيون، نعيش على
أرضنا، ونحن مواطنون في دولة إسرائيل، وأقول ذلك لأن إسرائيل ترفض في
قوانينها الأساسية أن تكون هذه الدولة لنا؛ لأنها دولة يهودية؛ لذا نحن
عرب نعيش في إسرائيل ولسنا عرب إسرائيل.
ومن ناحية أخرى فيما يخص
التصويت فأنت تضع في سؤالك بديهية بأن" باراك "أقل سوءا من "شارون"، ونحن
صوتنا لصالح" باراك" في عام 95 ليصبح رئيسا للحكومة ونجح بـ95 % من
الأصوات العربية..!
وصوتنا لباراك يومها من منطلق المعادلة أننا أمام
السيئ والأسوأ؛ لذا اخترنا السيئ. وأذكر أنني قلت إننا لم نصوت لباراك؛
لأننا نحبه أكثر ولكن لأننا نكره الآخر أكثر.
فالمعادلة بين الأكثر
سوءا والسيئ، لكن بعد ذلك رأينا أن باراك أدار ظهره لكل الوعود التي عبر
عنها أمامنا، واتضح أنه يغتال المواقف ويكذب ويغتال وعوده أيضا، وبعد
انتخابنا لباراك صبيحة اليوم التالي رأينا أنه توجه لكل الأحزاب اليمينية
المتطرفة وأدار ظهره لمن انتخبوه، وأقصد وعوده ما وعد به من التوصل لحل
واقعي، ولا أقول عادل لأنه لا يوجد حل عادل إنما واقعي يعتمد على حدود 67
والانسحاب من كل الأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية
العربية الحرة على هذه الأرض، ونقصد حتى آخر ملم من كل ما احتل عام 67 بما
فيها القدس العربية، وإضافة إلى حل كافة القضايا على أساس القرارات
والعهود الدولية.
وبما أننا فقدنا كل أمل وكل ثقة بهذا الرئيس فإننا لا
نستطيع أن نمنحه أصواتنا، وهو الذي قتل المئات والمسؤول عن ذلك، وعن جرح
الآلاف وتجويع شعبنا وأيضا "باراك" هو المسؤول الأول عما جرى في تشرين اول
عام 2000 "هبة الأقصى".
فبعد هذا لا يستطيع أحد أن يطالبنا بالتصويت
لباراك، ومن ناحية أخرى فجرائم باراك المستمرة يجب ألا تنسينا جرائم شارون
في صبرا وشاتيلا وفي كل الأرض الفلسطينية؛ ولذلك قررنا بأكثريتنا الساحقة
الامتناع عن التصويت ومقاطعة الانتخابات، وكان لي ولنا في جبهة الوحدة
الوطنية التي أرأسها كان لنا القول الفصل في هذا الموضوع قبل أي حزب آخر،
قبل شهر تقريبا دعونا لمقاطعة هذه الانتخابات فلا لباراك ولا لشارون ولا
للورقة البيضاء التي تعطي مجالا لبعض مرضى النفوس الذين تعطيهم الفرصة
للتصويت لهذا أو ذاك.."وللعلم الورقة البيضاء لا تحسب في إسرائيل". وفي
مراحل تالية بدأت أحزاب وحركات سياسية أخرى الإعلان عن نفس الموقف ومقاطعة
الانتخابات في هذه المرحلة..--أقوال محاميد--.
فعلا, ان العالم صغير
مهما كبر, وان الزمن دوار وغدار..ففي الفترة الأخيرة جرت الاتخابات في
حزب"العمل" الاسرائيلي, والمنافسة النهائية كانت بين" باراك" و"أيالون"
على رئاسة الحزب ,وفاز فيها"باراك " وبفارق بسيط, ومن انجحه في ذلك اصوات
العرب ..! وبعد الفوز مباشرة قال احد البارزين والمقربين من"باراك": لو
قتلنا منهم(العرب)عددا اكبر في اوكتوبر عام 2000 لكان الفارق اكبر بكثير
ولصالح "باراك"...! وأنا اقول: لم ولن يتعلم الناخب العربي من اخطائه..بل
على العكس سيستمر في ارتكاب الاخطاء..!
والآن, هل سيتحقق الحلم..؟
بعد
كل ما اسلفت, هل بالامكان توحيد الصوت العربي في الانتخابات
الاسرائيلية..؟هل بالامكان ترك المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة
ووضع المصالح العليا لابناء شعبنا الفلسطيني في " اسرائيل" فوق كل
شيء..؟وهل هناك امكانية لخوض الانتخابات في ائتلاف عربي واحد لكي ينتخب من
كل اصوات الجماهير..؟أطرح هذه الأسئلة ولسان حالي يقول:وهل ابناء شعبنا
الفلسطيني"الضلع الأصغر في المثلث" يختلفون عن اخوتهم"قاعدة المثلث" في
الضفة والقطاع..طبعا, لا..!
***تم الرجوع لبعض المصادر في اعداد هذه القراءة.
القدس