رحمك الله يا أبا جعفر!! الحمد لله الذي جعل الشهداء في عليين وصلى الله
وسلم على إمام الشهداء محمد بن عبدالله وبعد ... فمن مرعب الروس من دمرا
... فذاك الهمام أبـوجعفـرا تـراه قصيراً نحيـلاً ضئيلاً... وفي ثوبه مثل
أسد الشرى إذا هاجمتـه الهموم الكبار ... أتاهـنَّ في همـة أكـبرا فتى قد
تمنى معالي الأمـور... فباع النعيم وباع الكـرى وباع لرب الورى روحـه ...
وأكرمه ربـــه فاشترى
(1) أبو جعفر اليمني. . القائد الخلوق من اليمن ..من البلاد التي أشار
إليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال الإيمان( يمان) والحكمة يمانية رواه
البخاري من حديث أبي مسعود ، نشأ بالطائف من بلاد الجزيرة وعاش بها .. ثم
انتقل إلى اليمن ومنها إلى الجهاد. ولد قريباً من عام 1380هـ. عرفناه أحب
الجهاد .. ونبض قلبه لنصر هذا الدين . هل تدرون من جهزَّه؟ باعت أخته
ذهبها وجهزته بمالها فأين النساء؟ بل أين الرجال؟ وقد طلب جعفر من أحد
المجاهدين الذين يجيدون كتابة الشعر أن يكتب قصيدة في أخته فكتب له على
لسانه يخاطب أخته : عبيرا وأزهارا مع خالص الـــــود سلامي من الشيشان
يغــــشى دياركم بمرآكم الزاهي فقد زيد من وجدي فيا هل ترى عيني تراكم
وتكتحــــل طاعة الرحمن في أول العــــهد و لن أنسى يا أختاه يا من أجبت
إلى بوقت نساء القوم أكثرن في الصـد لبست حجاب العــــز من دون رجعة ليوم
تناديني أخـــي إلى المــــد فلن ينسك قلبي ولن ينس خاطـــر فكنت كأقوى
الناس في الصدق بالوعد دفعتي إلى الميدان قلـــــبي ومهجتي إذا عز لقياكم
ففي جنة الخلـــد أفاطمــــةٌ قلبي يحــدث دائمـــًا و ما دارت الأفـــلاك
من سالف العهد ختاما سلام الله ما ضــــــــاء كوكب حفظ القرآن على شيء من
العلم الشرعي . . طلب بعضه على الشيخ مقبل؛ وإن كان قد نسي بعض القرآن
بسبب انشغاله عن المراجعة في ظل فورة القتال ويقول القائد أبوالوليد عنه :
إنه قال سوف أراجع القرآن في رمضان المنصرم لأنه قد نسي أكثره وفعلاً تمكن
من مراجعة نصفه في شهر رمضان عام 1421هـ. ترجل عن جوادك أي هذا الفارس
البطل فإن الأخوة الفرســان للميدان قد وصلوا ومن بوابة الشيـــشان
للتاريخ قد دخلوا .كان نحيلاً ضئيلاً قصيراً. . ربما لو وقف فلا يصل إلى
نصف عضد أحدنا...وفي أثوابه أسد هصور . . قمحي اللون . . ذو لحية بارزة .
. هادئ الطبع .. كثير الصمت . . شديد الحياء . . بشوشاً هينا . . إذا ضحك
لم يقهقه ،وكان رجلاً جاداً عملياً . ( 2 ) ركض مع الجهاد: تدرب . . أتقن
الضرب على مدفع الهاون واحترفه . . وكان في الحرب الأولى ضمن مجموعة خطاب
وموكل إليه الضرب بالهاون لأنه أتقنه أيما إتقان . .وبرع فيه في الحرب
الحالية وأثخن في الروس بالهاون أيما إثخان .. ولما هدأت الحرب الأولى
تولى معسكر التدريب فكان هو المسؤول عنه ... وكان رحمه الله حريصاً على
شيئين:التربية العسكرية .. والتربية الإيمانية.. وكان يطلب من المجاهدين
المتعلمين إلقاء الدروس فإذا تأخروا أو تعذروا غضب وأغلظ عليهم وقال:هذه
أمانة فقوموا بها. كان رقيق المشاعر ..عطوفاً على المجاهدين الفقراء
والضعفاء –كالمجاهدين الأوزبك-؛ فإن الشيشانيين أو العرب مثلاً يعرفون كيف
يحققون ما يريدون لأن هناك من يعينهم ؛ أما الأوزبك فلم يكن من يرعاهم..
أراد أحدهم مرة الزواج فسعى له .. حتى إنه عاتب حكيماً –رحمه الله-
وقال:لو كان عربياً لأعنتموه.. .. فأعانه وأتى له بملابس جديدة.. مهلاً يد
التقوى هي العليا ما بيننا عرب ولا عجــــم مثل الذباب تطايروا عميا خلوا
خيوط العنكبوت فهم كالشمس تملأ هذه الدنـــيا وطني كبير لا حدود لــــه في
الهند في روسيا وتركيا في أندونيسيا فوق شيشان هنا وأحطم القيد
الحديديـــــــا آسيا ستصهل فوقها خيلي ( 3 ) بدأت الحرب الثانية .. وكثرت
مجموعة خطاب فاحتاج إلى توسيع القيادة وتولية أمراء جدد .. فكان جعفر
متميزاً خلقاً وصبراً وقيادة .. خاصة بعد مقتل القائد حكيم .. وكان جعفر
من أعضاء المجلس الشورى العام .. تشكلت مجموعته .. واشتهر مع مجموعته
بالإقدام .. وأصبح أكثر الشباب العرب يطمحون في صحبته .. فإذا جاء التقسيم
دعوا الله أن يكونوا معه .. وأكثر الشهداء العرب كانوا في مجموعته .. وقد
رأى أحدهم رؤيا –حين كان جعفر في أرغون- أن جعفر يقود حافلة في مطار أرغون
وينطلق بها ومعه مجموعته .. وأسرع بها ثم طارت في السماء .. فنسأل الله أن
يجعل أرواحهم في عليين.. وعلى الجهاد طريقنا نحو القممْ لا نرتضي القيعان
بالجبل الأشم وممن كان معه في تلك المجموعة (حين كان في أرغون وقت الرؤيا)
واستشهد بعد ذلك:عبدالله المقدسي / أبوحبيب القصيمي / أبو المنذر
الأماراتي / أبوعبيدة اليمني / أبو حذيفة المصري / أبو حمزة اليمني /
أبومالك اليمني / عباد النجدي / عكرمة السوري/ أبوعبدالعزيز اليمني.. هو
الإسلام علمهم صموداً كذاك يكون أبطال الصمود وهناك غيرهم ممن التحق فيما
بعد بمجموعته ونال الشهادة ؛ منهم : أبوسعيد الشرقي .. أبودجانة اليمني ..
أبوحفص المصري .. المثنى القصيمي .. أبوسمية النجدي .. أبوذر الطائفي ..
أبوعاصم الجداوي .. كان مسعر حرب ؛ جريئاً .. حتى إن الشيخ أباعمر قال :
لا ينبغي لهذا الرجل أن يولى ولاية لأني أخشى أن يهلك من معه .. لأنه
مقدام وكان يقول عنه : إنه مسعر حرب !! أرعب الروس وأرهبهم .. حتى إن
الأخبار ثبتت أنه كان مرة على خط سرجنيوت .. فكان الروس يقولون في
إخبارياتهم ( .. وخط سرجنيوت فيه مجموعة من جندنا و.. و .. وتواجههم
مجموعة جبلية يقدر عددها بخمسة وعشرين ألفاً يقودهم الجنرال جعفر)! مع إن
مجموعته لم تتجاوز 140 شخصاً .. حتى إن الشيشانيين كانوا إذا رأوه ورأوا
جسمه ضحكوا وقال:أنت الجنرال جعفر!؟ وكان من لا يعرفه منهم يأتي ويسأل
المجاهدين أين الجنرال جعفر فإذا رأوه تعجبوا واستغربوا أن يكون هذا هو
الذي دوخ الروس وأرعبهم ! في دياري لن يظل الغاصبون وبناري سوف يصلون
الأتون قد عقدنا العزم أن نمضــــي لما قـــــدر الله وما شاء يكون سوف
نجني النصر أو كأس المنون أحبه الشيشانيون وجرى اسمه بينهم حتى إن أحد
المجاهدين قال مرة: أضعت مجموعتي ليلة من الليالي .. وتقلبت بين القرى ..
فأتيت قرية وكنت أتحاشى الناس .. فلقيت امرأة عجوزاً شيشانية فكنت أحادثها
بروسية مكسرة فخرج ابنها وعرف أنني مجاهد عربي ؛ فقال:من أي مجموعة؟
فقلت:مجموعة جعفر .. ففرح جداَ وأخذ مني سلاحي وأكرمني غاية الإكرام ..
وسألني عن حال جعفر –وكان جريحاً ذلك الوقت – فأخبرته فتأثر وحزن .. ثم لم
يتركني حتى أوصلني إلى المجاهدين.. ( 4 ) كان حريصاً على التربية
الإيمانية وربما وعظ المجاهدين .. وربما ذكرهم قبل المعارك بالله وعظيم
أجره .. وربما رأيته يلقي ذلك وهو متاثر..وكان دائماً يذكر المجاهدين بفضل
الجهاد والمجاهدين والغدوة والروحة في سبيل الله. كان متواضعاً (على كونه
قائداً يستحق التبجيل).. لم نر مثله في تقدير القيادات التي فوقه من مثل
خطاب (وحكيم سابقاً) ويعقوب وأبي الوليد .. فإذا أتى أحدهم معسكره في
زيارةٍ قدمه وقدره ..حتى
لو طلب منه أحد جنوده طلقة قال استأذن من القائد (يعني الذي فوقه) ولا