من سنة ثم استقال برغبته ورضاه ، وعمل محتسباً في الأعمال الدعوية
والإغاثية والجهادية . ومن صفات : ـ الحرص التام على إخفاء أعماله وجهوده
حتى من المقربين منه ، وهذه يشهد بها جميع أقاربه . ـ البعد التام عن
المجالس التي يكثر فيها اللغو . ـ بعيدا عن الجدال في الأمور المعلومة
المتقررة . ـ له عناية تامة بالجهاد وفضائله ويتيقن أن الجهاد أفضل
الأعمال ، ويقول : الجهاد لا يعدله شيْ . ـ له عناية تامة بالعلم وقرأ على
بعض المشايخ وكان يحضر دروس الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله تعالى
وغيره من أهل العلم . ـ كان صاحب اطلاع في كتب العلماء . ـ قال عنه أحد
طلاب العلم الكوسوفيين ( دكتور) : ما رأينا مثله ، كان لاينام ولا يأكل
إلا يسيراً ، وكنا نعمل معه في كوسوفا فكنا نتعب ولا يتعب ، وإذا تعب غفا
قليلاً ثم استيقظ وواصل نشاطه ، كانت له عناية خاصة بالمستضعفين والمساكين
، اتصل بي هاتفياً قبل استشهاده بعشرة أيام وأوصاني ببعض الوصايا الخاصة
به ". ـ قال عنه أحد المشايخ : أشهد لله بأنني ما رأيت مثله ، وأشهد إن
شاء الله بأنه ممن قال الله فيهم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله
عليه . ـ وقال أيضاً : إنه كان يجاهد بعلم ويعرف من يستحق القتال . ـ ومن
صفاته ـ كما تقول والدته ـ : كان صاحب قيام ليل لا يتركه رغم أنه كان ثقيل
النوم إلا أنه كان يستيقظ بالمنبه ثم بدون منبه . ـ كان لا يحب السهر ،
وينام مبكراً قدر الإمكان ، ولا ينام بعد الفجر إلا نادراً . ـ لم يذكر
عنه أنه نال من أحد أو اغتاب أحداً أو رفع صوته على أحد . ثالثاً : من
أعماله : ـ سافر أول مرة إلى أفغانستان عام 1411هـ في شهر رمضان تقريباً
وله عشرون عاماً تقريباً ، وبقي هناك ستة أشهر ، واعتذر عن فصل دراسي في
الكلية . ـ تقول والدته : لم يتصل بنا خلالها ولم يصلنا منه إلا رسالة
واحدة . ـ ثم سافر إلى ألبانيا وبقي فيها أربعة أشهر تقريباً . ـ ثم سافر
إلى بنجلاديش وبقي فيها عشرة أشهر . ـ ثم رجع إلى ألبانيا مرة ثانية ومعه
زوجته وأولاده . ـ ثم
رجع إلى بنجلاديش ومعه زوجته وأولاده وذلك في أعمال إغاثية و دعوية . ـ
سافر إلى الشيشان عدة مرات . ـ والمرة الأخيرة سافر إلى الشيشان في آخر
شهر رجب 1420هـ وقد خرج من بيته مغتسلا ولبس أحسن ملابسه وكأنه ذاهب إلى
مناسبة وذلك بعد ولادة ابنه الصغير محمد بيومين فقط الذي لم يره إلا مرة
واحدة فقط . ـ مما عرف عنه تسهيل أموره دائماً فكثيراً ما أنجز أعمالاً
كثيرة في وقت يسير وله في ذلك قصص معروفة . ـ كان لطيفاً بأولاده ـ أصلحهم
الله ــ ومن المضحك المبكي أن ابنه ثابت كثيراً ما يقول: لماذا لم يذهب
إلى الشيشان إلا أبي ؟! ويقول إذا رجع أبي من الشيشان سيعطيني ريالاً
وسأعطيه للمجاهدين في الشيشان أما موقف والديه وزوجته فقد كان موقفاً
عجيباً : ـ أبوه يقول : الحمد لله الذي شرفني بقتله ، ويقول أيضاً : أتمنى
أن يستشهد جميع أبنائي ، ومن عرف الله هانت مصيبته . ـ كان والده يقول :
لم أقل له يوماً واحداً لا تذهب إلى الخارج أو لماذا تذهب ، ويقول أيضاً :
لقد حصّل ابني ما يريده ويتمناه . ـ أمه حمدت واسترجعت ، وتقول : كنت
أتمنى أن يكون من أبنائي من يجاهد في سبيل الله ، وتقول : أوصي أمهات
الشهداء بالصبر والاحتساب . ـ وكذلك زوجته الصابرة المجاهدة التي لم يُنقل
عنها كلمة واحدة في التضجر من كثرة سفر زوجها ومشاركته في قضايا المسلمين
، وتقبلت نبأ استشهاده بصبر واحتساب . ـ لقد كان صالح رحمه الله مدرسة
وأمةً لوحده ،حياته عجيبة ومقتله عجيباً وكان مؤثراً فيمن حوله بصمته
وسمته وهديه ومحبته للناس ، وكان استشهاده درساً عظيماً لأسرته وأقاربه
الذين تقبلوا نبأه بصبر واحتساب بل وبفخر وغبطة وقد انهالت الاتصالات من
أنحاء المملكة ومن خارجها مواسية ومعزية وذاكرة مآثر الفقيد وأعماله التي
يتعجب منها القريبون منه الذين ما كانوا يظنون جلالة أعماله . ـ مما هوّن
المصاب وسهَّل الخطب وجفّف دموع ذوي صالح وأقاربه هذه الجموع الغفيرة
والدعوات الصادقة التي تُشعر بالرفعة والمنزلة العالية التي كان يتبوؤها .
كلمة والد " أبي ثابت " تلقيت خبر استشهاد ابني صالح كما يتلقاه أي أب
مؤمن واثق بوعد الله للصابرين المحتسبين المدخرين الأجر عند الله ، الأب
الراجي الطامع في أن يجعل الله ابنه من الذين قال الله فيهم
ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم ير**ون * فرحين بما
آتهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم
ولا هم يحزنون ) وفي هذه بشارة عظيمة نرجو الله أن يرفع درجة الإيمان عند
كل مسلم حتى تصل إلى فهم وإدراك هذا الموعود السامي لتتسابق إلى ميادين
الجهاد والبذل والعطاء والسخاء بالمال والنفس والأهل والأبناء في سبيل
الوصول إلى هذا المقام العظيم ، وأي شيء أفضل من حياة دائمة الر** الكريم
فيها مضمون ، ألا تستحق المبادرة والإقدام ؟ بل والله إنها سلعة الله
وسلعة الله غالية تحتاج إلى قوة إيمان وصدق مع الله . ونرجو الله تعالى أن
يحقق للمسلمين العزة والغلبة والتمكين في الأرض كما أرجو الله سبحانه
وتعالى أن يخلف لي في صالح برفع درجاتي عند ربي وير**ني شهادة في سبيل
الله وأن يقر عيني بصلاح أبنائي وبناتي وأولادهم وأن يريني فيهم خيراً وأن
يحعلنا جميعاً من الذين يقبل الله شفاعة الشهيد فيهم لدخول جنات النعيم
إنه ولي ذلك والقادر عليه إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا لفراقك يا صالح
لمحزونون وللدموع بعدك ذارفون ونرجو الله أن يجمعنا بك يا صالح في دار
كرامته . وصلى الله وسلم على نبينا محمد حرر في 26/11/1420هـ رحم الله أبا
ثابت، وجمعنا به في الخالدين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
ونأمل من أصحاب أبي ثابت ورفقاء دربه من الدعوة والتعليم والجهاد موافاتنا
بما لديهم عن شخصيتة وأخباره ليكون نموذجاً للأجيال . نقلا عن صوت القوقاز