بسم الله الرحمن الرحيم
يقال ركب سفينة في البحر فلجت بهم، وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون
فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من
السفينة. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يرضوا به،
فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً، فستعد ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه، فأبوا
عليه ذلك، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً فلم يجدوا حلا غير
ألقى في البحر، وبعث الله عز وجل حوتاً عظيماً من
البحر الأخضرفالتقمه، وأمره الله ألا يأكل له لحماً، ولا يهشم له عظماً، فليس لك بر**،
فأخذه فطاف به البحار كلها وبعد ذلك اعتقد بانة قد مات ولكن حرك جوارحة
فوجدها تتحرك فسجد لله شاكراونادى ربة قال
القرآن(لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ) ولا يعلم ما الوقت الذى
قضاه داخل الحوت فهناك من يقول مكث ثلاث ايام ومنهم من يقول مكث سبع ايام
ولله اعلم. فأمر الله عز وجل الحوت ان يقذفه عند اليابسه .
هو من الرسل الذين أرسلهم الله بعد سليمان وقبل عيسى عليه السلام، وقد
ذكره الله في عداد مجموعة الرسل. وقال عزّ شأنه: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ
الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139]
نسب يونس
لم يذكر المؤرخون ليونس عليه السلام نسباً، وجُلّ ما أثبتوه أنه: يونس
بن متّى. قالوا: ومتَّى هي أمُّه، ولم ينسب إلى أمه من الرسل غير يونس
وعيسى عليهما السلام. ويسمى عند أهل الكتاب: يونان بن أمتاي.
قالوا: ويونس عليه السلام من بني إسرائيل، ويتصل نسبه بـ (بنيامين). والله أعلم.
أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة يونس عليه السلام وأصحه - والله أعلم - ما يلي:
أرسله الله إلى أهل «نينوى» وهي: مدينة كبيرة تقع على نهر دجلة أو
قريبة منه، تجاه مدينة الموصل من أرض آشور (في القسم الشمالي من العراق
الحديث)، وكان عدد أهل هذه المدينة مائة ألف أو يزيدون.
والذي يظهر أن رسالته عليه السلام كانت خلال القرن الثامن قبل ميلاد
المسيح عيسى عليه السلام؛ وقد سبق أن إلياس واليسع عليهما السلام قد أرسلا
خلال القرن التاسع قبل الميلاد. والله أعلم.
أمر الله يونس عليه السلام أن يذهب إلى أهل نينوى، ليردهم إلى عبادة الله وحده، وذلك بعد أن دخلت فيهم عبادة الأوثان.
قال المؤرخون: وكان لأهل نينوى صنم يعبدونه اسمه عشتار.
فذهب يونس عليه السلام من موطنه في بلاد الشام إلى نينوى، فدعا أهلها
إلى الله بمثل دعوة الرسل كما أمره الله، ونهاهم عن عبادة الأوثان، فلم
يستجيبوا له - شأن أكثر أهل القرى-فوعدهم بالعذاب في يوم معلوم إن لم
يتوبوا، وظن أنه قد أدّى الرسالة، وقام بكامل المهمة التي أمره الله بها،
وخرج عنهم مغاضباً قبل حلول العذاب فيهم، شأنه في هذا كشأن لوط عليه
السلام، إلا أن لوطاً خرج عن قومه بأمر الله، أما يونس فقد خرج باجتهاد من
عند نفسه دون أن يؤمر بالخروج، ظاناً أن الله لا يؤاخذه على هذا الخروج
ولا يضيق عليه.
فلما ترك يونس أهل نينوى، وجاء موعد العذاب، وظهرت نُذرُه، عرفوا صدق
يونس، وخرجوا إلى ظاهر المدينة، وأخرجوا دوابهم وأنعامهم خائفين ملتجئين
إلى الله، تائبين من ذنوبهم، وأخذوا يبحثون عن يونس عليه السلام، ليعلنوا
له الإيمان والتوبة، ويسألونه أن يكف الله عنهم العذاب فلم يجدوه، ولما
ظهرت منهم التوبة، وعلم الله صدقهم فيها كف عنهم العذاب، فعادوا إلى
مدينتهم مؤمنين بالله، موحدين له، هاجرين عبادة الأصنام.
أما يونس عليه السلام فإنه سار حتى وصل إلى شاطئ البحر، فوجد سفينة على
سفر فطلب من أهلها أن يركبوه معهم، فتوسموا فيه خيراً فأركبوه. ولما
توسطوا البحر هاج بهم واضطرب، فقالوا: إن فينا صاحب ذنب، فاستهموا فيما
بينهم على أن من وقع عليه السهم ألقوه في البحر، فوقع السهم على يونس،
فسألوه عن شأنه وعجبوا من أمره وهو التقي الصالح، فحدثهم بقصته، فأشار
عليهم بأن يلقوه في اليم ليسكن عنهم غضب الله فألقوه، فالتقمه بأمر الله
حوت عظيم، وسار به في الظلمات، في حفظ الله وتأديبه، وتمت المعجزة. وقد
أوحى الله إلى الحوت ألا يصيب من يونس لحماً ولا يهشم له عظماً، فحمله
الحوت العظيم وسار به عباب البحر حياً يسبح الله ويستغفره، وينادي في
الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له،
ونجاه من الغم، ثم أوحى الله إلى الحوت أن يقذف به في العَرَاء على ساحل
البحر، فألقى به وهو سقيم.
قالوا: وقد لبث في جوف الحوت ثلاثة أيام بلياليها، والله أعلم.
وجد يونس نفسه في العراء سقيماً هزيلاً، فحمد الله على النجاة، وأنبت
الله عليه شجرة من يقطين، فأكل منها واستظل بظلها، وعافاه الله من سقمه
وتاب عليه. وعلم يونس أن ما أصابه تأديب رباني محفوف بالمعجزة، حصل له
بسبب استعجاله وخروجه عن قومه مغاضباً، من دون إذن صريح من الله له يحدّد
له فيه وقت الخروج، وإن كان له فيه اجتهاد مقبول، ولكن مثل هذا الاجتهاد
إن قُبِلَ من الصالحين العاديين، فإنه لا يقبل من المرسلين المقربين، فهو
بخروجه واستعجاله قد فعل ما يستحق عليه اللوم والتأديب الرباني. قال الله
تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142].
ولمّا قدر يونس على المسير عاد إلى قومه، فوجدهم مؤمنين بالله، تائبين
إليه، منتظرين عودة رسولهم ليأتمروا بأمره ويتبعوه، فلبث فيهم يعلمهم
ويهديهم ويدلُّهم على الله، ويرشدهم إلى الصراط المستقيم. ومتّع الله أهل
نينوى في مدينتهم مدة إقامة يونس فيهم وبعده آمنين مطمئنين حتى حين، فلما
أفسدوا وضلوا سلّط الله عليهم من دمَّر لهم مدينتهم، فكانت أحاديث يرويها
المؤرخون، ويعتبر بها المعتبرون. وقد تعرض القرآن الكريم لحياة يونس عليه
السلام في نحو خمس سور من القرآن الكريم؛ جاء فيها ما يلي:
إثبات نبوته ورسالته عليه السلام إلى مئة ألف أو يزيدون.
إثبات أنه ذهب مغاضباً ظاناً أن الله لا يقدر عليه (أي: لا يضيق عليه بذهابه عن قومه).
إثبات أنه أبقى إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المُدحَضين، فالتقمه الحوت وهو مُليم.
«من المدحضين، أي: من أهل الزلل الذين وقع عليهم السهم بأن يقذف في البحر».
إثبات أنه كان من المسبِّحين لله في بطن الحوت، وأنه نادى في الظلمات
أن لا إِله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وأن الله استجاب له
فنجّاه من الغم، ولولا أنه كان من المسبحين لَلَبِثَ في بطن الحوت إلى يوم
يبعثون.
إثبات خروجه من بطن الحوت ونبذه بالعراء وهو سقيم، وأن الله أنبت عليه شجرة من يقطين.
إثبات أن قومه تعرضوا بسبب مخالفتهم له لعذاب الخزي في الحياة الدنيا، إلا أن الله كشف عنهم هذا العذاب لمَّا آمنوا، ومتعهم إلى حين.
وقد سماه الله: (ذا النون) في سورة الأنبياء الآية (87)، و(نون): اسم من أسماء الحوت، فيكون المعنى: «صاحب الحوت».