Labels:
أخبار مرعبة02 أغسطس، 2009
أمنا تنتظر
بارك لي يا سامي، هنّئني، فإن أقرب الناس لي، حبيبي، تزوّج.
أكان
لابد يا سامي أن تُدير وجهك؟ كان لابد أن تدّعي أنك لم ترني؟ كان لابد أن
ترفع يدك للنادل متعجلاً الرحيل؟ يدك المزينة بخاتم زواج؟
سقط الكوب من يدي، انكسرت.
إنني
يا سامي إذ أحكي لك، أحاول تنحية عواطفي على جانب. أحاول في بداية كل جملة
ألاّ أقول ’أحبك‘ وفي نهايتها ألا يتهدّج صوتي بالبكاء... لكن محاولاتي
تفشل كثيرًا، أعترف
أعترف أني آلمتك.. إن السكّين حين يخترق الجسد يؤلم، يؤلم كأن القطار يدهس، يؤلم كأن الروح تصعد، يؤلم كأن سامي تزوج.
حين
اتصلت بي بعدها، انفتحت طاقة بداخلي... أخبرك بصدق أني سامحتك من أول
حرف.. وحين فتحتُ لك الباب طاوية يدي خلف ظهري، لم أكن أحمل سوى وردة!
طوّقتك
سامي، أفسدت بذلتك الثمينة بدموعي، ضممتك حتى ظننتُ أني سأعتصرك بين
ذراعي، فأبعدتك، ثم تقت فقرّبتك.. ألفًا سامي، ألف، حتى شعرت باضطراب
الهاتف في جيبك لمّا اتصلَتْ بك:
"حاضر!
سآتي حالاً!"
ولمّا أنهيتَ مكالمتَك لم أقل سوى كلمة:
"أنت: لن ترحل"
تبدّل وجهك، أصررت على الرحيل.. استوقفتك، استعطفتك، هددتك: إن أحدًا لن يأخذك مني بعدما وجدتك، وإني قاتل أو مقتول الليلة
لماذا
لم تصدقني يا سامي؟ لماذا استخففت بوجعي، ودفعتني من أعلى شطحات الأمل إلى
الأرض، ثم استدرت؟ لم تصل الباب، لأني التقطت السكّين ودفعت به بين كتفيك.
لا أدري يا سامي كيف اخترقك السكين؟ لا أدري.... أنت شفافًا كالملائكة،
كالروح، كالأنفاس، فكيف يا سامي.. كيف؟
لكنك هدأت وكففت عن
المحاولة، وقبلت أن تبقى معي، وقد تناولت المهديء الذي أدمنته منذ خبر
زواجك، وضمّدتُ جرحك، وأبدلتُ قميصك، وقضيتُ وقتًا رائعًا بحضنك، ولكنّك
تبدلتُ كثيرًا يا سامي عن ذي قبل؛ فكلما أسندتُ رأسي إلى صدرك.. لا أسمع
دقات القلب.
في الصباح، تحسستُ فراشي فوجدتك. كم عادلة السماء: ها
نحن أخيرًا أخيرًا معًا، لكن عينيك ظلتا مفتوحتين، ألم تنم؟ إنك تحتاج
النوم لأن الإرهاق أضاع سواد عينيك
في تلك اللحظة، طرق الباب.. فتحتُ فبرز رجل غليظ يحمل أقمشة وأدوات ومن خلفه صبيان، وهمّ ليدخل مباشرة، فأوقفته بيدي:
- ما هذا أيها الرجل الفج؟ أوكالة بدون بوّاب؟ ماذا تريد؟
- أريد المرحوم، أنا ـ عدم المؤاخذة ـ الحانوتي!
وقع قلبي:
- ماذا تقول يا نذير الشؤم؟ اذهب من هنا، ارحل، لا يوجد موتى!
وصفقتُ الباب، فأعلى من صوته:
- لكن العنوان هو العنوان! ألا تتأكدوا قبل أن تزعجوا خلق الله!
لم
أكد أغلق الباب حتى طرق من جديد، كانت سيدة في ملابس بيضاء تبتسم بودّ
وتقول أنها الجارة الجديدة التي تسكن بالأعلى، وتريد أن تقترض طاقم
سكاكين.. عجبتُ لكني أحضرتُ لها ما تريد، وإذ تمد يدها هالني تساقط لحم
ذراعها، وانتفضتُ إذ أمسكت معصمي بقوّة وقرّبت وجهها الذي تشقق لوجهي
وقالت:
"أمنا تنتظر"
ثم تركت يدي وابتسمت في وداعة وغادرت..
وقفتُ مشدوهة حتى أفاقني الصوت آلي النبرات: "زبالة يا مدام؟".. كان
مختلفًا عن جامع القمامة القديم، وثوبه ناصع البياض بالرغم من الأوساخ
التي يحملها، مما جعلني أرتاب: "لا، شكرًا".. وهممت أن أغلق الباب حين
دفعه فتمسكت به أكثر فصارعني حتى تخليتُ عن الباب وسقطتُ أرضًا.. كرر
بنغمته الآلية: "زبالة يا مدام؟" جريتُ إلى القمامة أحضرتها له وقبل أن
أغلق الباب أمسك معصمي بيده المتساقطة وتبدّل وجهه إلى كابوس حي وقال:
"أمنا تنتظر"
أغلقت الباب لاهثة.. إنني لن أفتح لهؤلاء المسوخ في الملابس البيضاء ثانية، وإن أفضل شيء.. ألاّ أفتح مطلقًا.
لذلك
لمّا كلّت الطرقات الجديدة، وجدتُ مظروفًا ينسل من عقب الباب.. فضضته
فوجدت خطابًا من جماعة تُسمّى (أبناء الأرض)، يشيد بعبقريتكم الأدبية
وأسلوبكم الرائع ولغتكم الفريدة ويدعوكم كضيف شرف لحضور احتفالات الجماعة،
وهو أمر لطيف حقًا لولا أن الدعوة موجهة لك أنت سامي، وليس أنا.. كيف
يرسلوا لك خطابًا على عنواني؟
وقد كان الخطاب مذيلاً بعبارة صارت مألوفة: "أمنا تنتظر"..
أمهم
تنتظر.. أمهم تنتظر.. لم تخلو لحظة من تذكرة بهذا الأمر.. حتى البوليس
عندما زارني باحثًا في اختفاءك، بصفتي خطيبتك السابقة، استدار قبل أن يمضي
ليخبرني أن أمهم تنتظر..
إن البوليس عائد ليأخذك إلى زوجتك.. قرأت
ذلك في عينيه، وحين يعود لا يجب أن يجدنا... أعرف أنك لا تستطيع السير
سامي، لكني سآساعدك.. سنذهب إلى منزل بعيد.. نقضي شهر عسلنا.. نقتنص عمرنا
الذي سرقوه
غريبان.. ربما
هاربان.. محتمل
عاشقان؟ نعم، أجل..
وها
نحن.. يوم بعد يوم.. أساوي خصلات شعرك، أحكي لك حكاياتي، أصنع فنجان
قهوتك، لكنك تتركه يبرد... كما تترك جسدك يبرد.. والطفح الأخضر ينتشر على
جلدك... يجب أن نزور طبيبًا بمجرد أن تتحسن الأوضاع
أتابع في
التلفاز تطورات القضية، يقولون أن خطيبتك السابقة خطفتك، سامي.. يقولون أن
البواب شهد أنك صعدت عندي.. وأن الجارة التي اقترضت السكاكين اكتشفت
سكينًا ملوثًا بدمك، وأن جامع القمامة اكتشف قميصك المم**.. وأنهم اكتشفوا
حبوبًا مضادة للاكتئاب وكتبًا عن الانتحار في منزلي وأن وأن... يظنونني
مجنونة، تصوّر، يظنونني قتلتك.. لا أحد يعرف، أني دون العالم، لا يمكن أن
أقتلك.
هل تذكر كلمتنا، سامي: ’أحبك بجنون‘؟ كان الجنون هو حد حبنا، فلو كنتُ قد جننتُ كما يزعمون، فلتعرف أنني صدقتُ في حبك.
بعدي،
أتلقى خطابات (أبناء الأرض) بانتظام، لهجتهم تتصاعد حدّة.. وأبدًا لا أفهم
ما يريدون.. اليوم مثلاً يقولون: "إن أمنا الأرض قد صبرت صبرت، وإن الصبر
لينفذ حين يخرج أول حي من الميت."
أي حي وأي ميت، سمسم؟ هل تفهم شيء؟
لا
تشغل بالك بهذا الهراء، فما جئنا هنا إلا لنرتاح.. هلّم إليّ سامي...
امنحني قبلة تمحو كل ما مضى... إنني تعذبت بما يكفي سامي.. بما يكفي
جدًا.. ما بالك، سامي؟ طعم قبلتك تغير.. ما بالك تخرج أشياء من فمك..
أشياء حيّة.. أشياء تتلوى، أشياء كالدود!
سامي، هل مت؟
الكون يتشقق، المسوخ تخرج، الأيدي المتساقطة تطرق، أمنا الأرض تتصدّع، أمنا صبرت كثيرًا، لكن، لكن، سامي... هل مت؟؟
إنهم يُسقطون الباب، يخرجون من تحت الأرض، يحاوطونك، يتقدمهم الحانوتي، مهلاً انتظروا: أمهلوه يُجبني: سامي... هل مت؟؟؟
يضعونك
على المائدة، يضعون عنك ملابسك، أشياءك، خاتمك الفضي... يصبّون عليك
الماء.. أتناول الخاتم.. قطعة المعدن التي حرمتني منك.. أرفعه إلى وجههي
وأقرأ: أحرف اسمي داخله... يتهاوى من يدي.
سامي.. إنك مت.
أصعد إلى المائدة، أتمدد جوارك، أشبّك أصابعي بأصابعك.. وأخبرهم: "خذونا معًا"
_
نظرًا لن العنوان القديم (هل تعرف أحدًا مات؟) حقق أهدافه في إثارة سخط الناس وعدم فهمهم، غيرت العنوان إلى (أمنا تنتظر)
Posted by
سالي عادل
at
09:39 م9
comments
Labels:
قصص رعب11 يوليو، 2009
أمسية مرعبة بمكتبة البلد
يقيم
جروب (قصص رعب) مساء الخميس 30/7 بمكتبة البلد أمسية مرعبة بحضور الناقد:
أحمد عبد الحميد، والقاص: محمد عبد النبي، لقراءة ومناقشة قصص الرعب
المقدمة من هواة أدب الرعب وأعضاء الجروب.
الدعوة عامة ونسعد بحضوركم، ولمن يجهّز عملاً لقراءته برجاء إرساله عبر رسائل الفيس بوك أو الإيميل
sallyadel86@hotmail.comملاحظة: الحضور بالملابس السوداء ؛)
لمزيد من التفاصيل:
اضغط هنااللوجو من تصميم: محمد ناظم
Posted by
سالي عادل
at
02:36 م6
comments
Labels:
أخبار مرعبة01 يوليو، 2009
رواية العطايا السوداء