ابو
سعيد الشرقي " إبراهيم بن محمد الظفيري" البداية : سيارة منطلقه تقل ثلاثة
من الشبان وإذا بها تصطدم بشاحنه فكانت النتيجة حادثاً مروعاً راح ضحيته
سائق السيارة ونجاة رفيقيه . وكان هذا الحادث فاتحة خير لأحدهما.. حيث أنه
توجه إلى الله معتبراً عارفاً لحقيقة هذه الدنيا . هذا بإختصار بداية
المشوار مع صاحبنا " أبي سعيد الشرقي "كان ذلك أثناء دراسته الثانوية. لقد
عرف الطريق وتمسك به في ليلٍ حالك .
انطبع عليه حب الخير وحسن الأدب منذ صغره ومع هذا كان جامعاً بين حسن
السمت ودعابة الطبع مع من يحب ، وهذه قلما تجدها بين أقرانه وقد كان مفهوم
الدين عنده شئياً آخر، كان رفاقه ذات مره يتحدثون عن وسائل الثبات وكلٌ
يدلي بدلوه وعندما تحدث أوجز ، وقال مقولة تبين فهمه الواضح :" إن من حمل
هم هذا الدين ثبت عليه بإذن الله " أحب هذا الطريق وأحبه أهل هذا الطريق
وكان حدائه دائماً : غرباء ولغير الله لانحني الجباه *** غرباء وارتضيناها
شعاراً للحياة فلنجاهد ونناضل ونقاتل من جديد *** غرباء هكذا الأحرار في
دنيا العبيد وأستمر على هذا الطريق ثم انتقل إلى كلية أصول الدين قسم
القرآن وعلومه بجامعة الإمام بالرياض وبعد أن أنهى المستوى الثالث فيها
سمع عن أخبار المجاهدين في البوسنة وتاقت نفسه للجهاد وكان لخبر مقتل "
أبي عبد الله الغامدي" رحمه الله في البوسنة الأثر العظيم على همة " أبي
سعيد " كيف لا وهو يعرفه منذ زمن وكان أول رفيق له ينال تلك المنزلة التي
أصبحت بعد ذلك هدف "أبا سعيد " في الحياة . ومع ذلك كله إستشار من يثق
بعلمه وأمانته "الشيخ ناصر العمر" حفظه الله فقال له : هل تعلم من نفسك
العزيمة على ذلك ؟ قال : نعم . فقال : إذاً توكل على الله . وفي الطريق
وهو في مطار النمسا حدث تغيير في علاقة النمسا مع كرواتيا التي كانت وجهته
إليها وكان لا يعرف في هذا المطار إلا مسجله الذي كان لا يُنزل سماعاته من
إذنيه ولكن كانت عناية الله له حيث أنه وجد بعض الوجوه التي عليها سنحةً
عربية وأكتشف أنهم من منطقة الرياض وفي جولة دعوية وهم في طريقهم إلى
سراييفو وزيارة معسكر لواء المجاهدين ضمن جولاتهم فما كان أمامهم إلا أن
يستقلوا قطاراً ليقطعوا تلك المسافات . فماهي إلا أيام وإذا به يدخل بوابة
معسكر التدريب بلواء المجاهدين في البوسنة . فكان لزاماً عليه أن يمضي تلك
الدورة التدريبية ليتمكن من المشاركه مع المجاهدين فيخوض غمار القتل
والقتال في سبيل الله . كان يتلهف ويتودد لمدربه " أبو الشهيد " رحمه الله
- والذي مات غرقاً في البوسنة – بأن يوافق على إرساله إلى المأسدة وكان له
ماأراد. بدر البوسنة 4/6/1416هـ وبعد أن أكمل تدريبه سُمح له بالذهاب إلى
المأسدة التي كانت تستعد لتخوض أكبر المعارك وأقواها على أرض البلقان منذ
أن رفعت راية الجهاد هناك كان "أبو سعيد "سعيد الحظ بأن هذه المعركة لم
تفوته وكان سعيداً بهذا الفضل من الله . إن البطولة في الجهاد بأن ترى ***
أسد العقيدة جيشهم جرار وبأن تباع الروح في ساح الوغى *** لله بالجنات نعم
الدار بدأت المعركة فجر السبت4/6/1416هـ وكان "أبو سعيد " يشارك مع إخوانه
على مدافع الهاون ومعه معشوقته البيكا حتى كتب الله لهم النصر والتمكين
ولم ينال أبو سعيد أمنيته بالشهادة . حيث أنها كانت ترواده الفينة بعد
الأخرى ولكن كانت المبشرات حوله تبشره بفضل الله القريب الآتي ، فهذا أحد
إخوانه المجاهدين رئى وهو في الطريق للبوسنة رؤيا "أن سحابة تقل عدداً من
المجاهدين فلان وفلان وفلان………… " وكان من بينهم "أبو سعيد" فكان تعبيرها
أن من كان في السحابة فهو حليف الشهادة بإذن الله . يقول صاحب الرؤيا رأيت
عدداً من المجاهدين وأن لا أعرفهم فكنت إذا لقيت أحداً منهم بشرته
بالشهادة . لقد أمضى " أبو سعيد " أيامأ جميلة على أرض البوسنه أحبه كلٌ
من عرفه ولازمه لقد أجتمعوا في الله وافترقوا على ذلك {فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر }. وكان مولعاً بمعرفة دقائق الأمور في الجهاد والأسلحة ،
حدث ذات مره في البوسنه وأن كانت هناك مسابقة في فك وتركيب سلاح
الكلاشنكوف مغمض العينين فكانت النتيجه فوز صاحبنا " أبو سعيد " بالمرتبة
الأولى . وكان كثيراً مايخفي مثل هذا . قال له أحد إخوانه في الله ذات مره
: هنيئاً لك أبا سعيد إني أغبطك على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من
قاتل فواق ناقه وجبت له الجنة " قال : لو كان في خير لتقبلني الله شهيداً
وإني أخشى أن عملي رياءً وسمعة. العودة من البوسنة كان للتضيق على
المجاهدين العرب والمفاوضات التي كان ثمرتها خروج المجاهدين من أعظم
الأسباب التي دعت " أبا سعيد " بأن يفكر بالرجوع الى أهله وبلدته
"القيصومة" وإكمال دراسته فكان ذلك قبل رمضان 1416هـ بأيام فكان في
إستقباله من أهل بلدته "الشيخ أبوعمر السيف " والذي كان يحتفي فيه كثيراً
ويطلب منه أن يتحدث عن أخبار الجهاد والمجاهدين أمام الحاضرين فكان رحمه
الله يتكلم والخجل يكسو محياه . الإعداد في سبيل الله إن من أعظم ما أهتم
به أبوسعيد رحمه الله هو كيف يكون مستعداً ومعداً في أي وقت يفكر فيه
بالنفير والخروج لبذل نفسه رخيصةً في سبيل الله . فكان العزم على الإعداد
الكامل وكانت الرحلة إلى أفغانستان حيث مكث شهوراً يعد نفسه ويمارس أشق
التدريبات لينال قدرة جسمانية ومعنوية لخدمة هذا الدين . وهناك وجد مجموعة
من المجاهدين نذرت نفسها لنصرة الحق على قمم الطاجيك وفعلاً كانت تلك
القمم في الطاجيك تتوافق مع تلك الهمة العالية التي حواها صدر " أبي سعيد
" ومكثوا ما يقرب شهر على حدود الطاجيك تمنعهم الثلوج من التقدم ولم يتمكن
المجاهدون من التقدم بسبب تلك الظروف القاسية وأوشكت مؤونتهم على النفاد
فلم يكن أمامهم خيار إلا التراجع سائلين الله أن يقع أجرهم عليه تعالى.
وشاء الله بعد ذلك أن يبُتلى " أبو سعيد " في جسده فكان في أحد الأيام في
مهمة في أحد الجبال وأدركه العطش فوجد عيناً فشرب منها وما هي إلا ساعات
إلا وهو طريح الفراش حيث أصيب بمرض الملاريا حيث كانت تلك العين ملوثة بها
وكانت من أشد الأمراض فتكاً في تلك البلاد فأصبح طريح الفراش لا يقوى على
الحراك . وقد أراني صورة له بعد فترة قصيرة من المرض إنك لا تكاد تعرفه .
لقد قاسى من الألم مالا يعلمه إلا الله وأصبح جسماً هزيلاً . ولكن الله
شافاه