الشهيد
الأمريكي [ نحسبه كذلك ] أبو آدم جبريل الأمريكي – رحمه الله الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد ابن عبد الله وعلى أله
وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين أما بعد : فلقد قررت أن أكتب ما حدث
كتذكرة لي ولأخواني وأخواتي فعندما نرى في زمننا هذا أمثلة لمن يتبعون
خطوات السلف الصالح بالقول والعمل وقلوبهم مليئة بالإصرار والإخلاص ،
نزداد حرصا على الكفاح وبذل قصارى جهدنا ، وكلنا أمل بالوصول إلى درجة
أحباء الله ، فهي ليست بعيدة المنال أو لا تدرك .
[ كل ما أريد هو الشهادة في سبيل الله في كشمير ، ولا أريد أن أكون مشهورا
أو معروفا > هذه كانت كلمات أبو آدم جبريل الأمريكي ، عندما كنا نمشي
حول المركز في موردك في باكستان ، كنا نراقب الحصن في الإسطبل ، ونتحدث عن
التدريبات للجهاد ، والجهاد بصورة عامة . لقد كان أبو آدم في التاسعة عشر
عندما بدأ يجاهد في صفوف المجاهدين في كشمير المحتلة . ولد أبو آدم من
عائلة مرموقة وثرية في أطلنطا – جورجيا ، كان طفل متميز ومتفوق في أغلب
نشاطاته ، كان معتاد الذهاب إلى الكنيسة مع والديه ، وكان معروف بالحلم
والطيبة حتى قبل إسلامه . كان دائما يحرص على التميز في كل أعماله ،
وعندما بلغ السادسة عشر ولأن الله العليم يعلم ما في أبو آدم من خير ،
أراد الله أن ينير بصيرته فأخذ أبو آدم يبحث عن إجابة لكثير من التساؤلات
التي كانت تحيره ولم يجد لها إجابة في النصرانية ، فقرأ عن الإسلام
واليهودية والبوذية ، وديانات أخرى ، وأراد الله لهذا القلب أن يرى نور
الإسلام ، فأسلم أبو آدم والحمد لله . أخذ أبو آدم يتردد على المسجد
الموجود في الطرف الغربي من أطلنطا " مسجد الإمام السجين جميل الأمين فك
الله أسره " ، كان يجلس الساعات الطويلة بمفرده يقرأ ويبحث ويدرس عن أحكام
الإسلام ، وكان في قلبه من الخوف والخشية ما يجعله يصر على المعرفة ، حتى
لا يقع في منكر أو معصية دون علم لأنه حديث الإسلام . انتهى أبو آدم من
شهادة الثانوية العامة وأتجه ليكمل دراسته في الكلية في إحدى مدن كارولينا
الشمالية ، وهناك كانت له صحبه صالحه ، ساعدته على الدراسة والاستزادة من
العلم الصحيح على منهج أهل السنة ، فدرس العقيدة والسنة بأصولها ، ودرس
أحوال إخوانه المسلمين في البوسنة وبورما وكشمير والشيشان ، ومن هنا أصبح
تفكيره منحصر بمعانات إخوانه وأخواته ، وكان يعلم من دراسته أن هناك حل
وخطوه يجب أن يأخذها من أجل إخوانه وكانت اللحظة الفاصلة والقرار الذي غير
حياته ، ترك أبو آدم الكلية وأخذ يستعد لرحلته القادمة ، رحلة القليل من
يفكر فيها … إنها رحلة الجهاد في سبيل الله . تملك الجهاد من قلب أبو آدم
، واشتعلت الرغبة لديه لمحاربة أعداء الله فبدأ برنامج من التمرينات
الشاقة ليعد نفسه للمعركة القادمة بأصعب الظروف . وها أنا أذكر برنامجه ،
وأدعو الله أن يستفيد منه إخواننا . الاستعدادات :- بدأ أبو آدم يقضي أكثر
أوقاته في المسجد ، للصلاة وحفظ القرآن وتلاوته وزاد من تطوعه في الصيام
والقيام وحفظ الكثير من الأدعية لكل مناسبة ، كان يطيل في صلاته ويحرص على
الخشوع فيها ودرب نفسه على ذلك ، درب نفسه على قلة النوم والأكل والشرب ،
حتى يتكيف مع ظروف الجهاد . رحم الله أبو آدم ، فلقد أيقن أن الجهاد هو
تربية الروح والنفس ، لم يقتصر أبو آدم في استعداداته على التربية الروحية
، بل أخذ يربي ويبني قوته الجسدية ، وحرص على دراسة الخطط الحربية ، قام
بشـراء حـذاء عسكري ( يتصف بالحجم الضخم والوزن الكبير ) فمن يلبسه يشعر
كأنه يرتدي طن في قدميه ، بدأ بالتدريب يوميا مرتديا هذا الحذاء ، وكان
يركض المسافات الطويلة ، ويضيف لثقل الحذاء ثقل قطعة من الخشب تربط إلى
وسطه بحبل طويل ، حتى يحتمل أي نوع من الظروف . تدريبات الكوماندوز:- بدأ
أبو آدم تدريباته الفعلية في رمضان 1997 مع مجموعة الأشقر الطيب ( مجاهدين
أهل السنة في كشمير ، وهذه المجموعة من أقوى المجموعات التي تلقي الرعب في
قلوب الأعداء الهنود في كشمير ) ، بدا في أصعب أوقات السنة في منتصف
الشتاء . أنا أؤمن أن كلا ما زادت مشقة التدريب كلما بارك الله فيه ،
فالمجاهدين يمرون في كثير من الصعوبات ولكن لا تزيدهم إلا قوة وصلابة
وتصقلهم كما تصقل النار الذهب وتمر عليهم بعض أوقات الشدة فيدعون الله
قائلين : ( يا الله أنك تعلم ما نقوم به خالصا لوجهك الكريم ، فأعنا يا
الله ، فبدون عونك لا نستطيع الاستمرار ) . ولكي تعي أخي المسلم صعوبة
ظروف إخواننا المجاهدين في كشمير يجب أن تعرف بعض الحقائق :- 1. تقع كشمير
في محيط جبال هملايا ، أعلى جبال في العالم . 2. معسكر التدريب يقع على
جبل ارتفاعه ( 12000 ) قدم ، والمدينة التي فيها المعسكر ترتفع عن سطح
البحر بـ ( 14000 ) قدم ، أي أن تدريبات إخواننا على أرض ارتفاعها ( 26000
) قدم عن سطح البحر ، بين منحنيات الجبال الوعرة . 3. مناخ كشمير في
الشتاء ملئ بالثلوج وبارد جدا ، ويصل ارتفاع الثلج في الجبال إلى ( 20 )
قدم أو أكثر . 4. التدريبات تتضمن المسير ليلا ونهار مع حمل حقيبة وزنها (
35 ) باوند ، وتستمر لسبع ليالي يقوموا بالتسلق وعبور نقاط حراسة مليئة
بالجنود والأسلاك الشائكة والشراك المتفجرة .ورغم كل ما ذكرت كان أبو آدم
في مثل تلك الظروف ومع قسوة التدريبات يحافظ على صيامه ، وكان إفطاره على
قليل من الماء من إحدى الينابيع أو الأنهار الجارية المليئة بالطين
بالإضافة إلى العدس الذي يؤذي معدته ، فقد كان مصاب بداء في معدته ، رغم
ذلك ولأن من طبعه أتقان العمل كان يزيد من أثقاله ويتدرب مهما كانت الظروف
قـــائلا : ( إذا أعنت الله ، فالله دائما سيكون في عونك ، ويجعل أقدامك
أكثر تحملا ). كان قلبه يلهج بذكر الله والدعاء بأن يجعله أكثر تحملا
ولياقة وقوة ، ويستمر ويقسو على نفسه حتى في الليالي الباردة بينما الكثير
من إخواننا يغطون في نوم ثقيل في أحضان بيوتهم الدافئة ، كان يعمل ويدعو
ويصعد جبال الثلج بأقدام أصابها التقرح من شدة البرد ، ويصرخ الله أكبر
بحلق أصابه الجفاف وجسم أنهك وضعفت قوته مع صيامه ولكن كانت هناك طاقة
أعظم من الطعام ، وهي الإيمان بالله ، وبأن له اخوة في كشمير بحاجة له
ولأمثاله ، ومن يدري قد يأتي يوم نحتاج لأمثال أبو آدم ، مضت ( 124 ) يوما
، اليوم كالسنة في تلك التدريبات القاسية وأنهى أبو آدم تدريبات الكوماندز
التابعة لكتيبة أبو الأشقر الطيب ، مع معاناته ومرضه ، فقد أصيبت أقدامه
بالتقرح الجليدي واستمر فقده للشعور بأطرافه حتى بعد دخوله الربيع ،
وأنهكه الداء في معدته وعندما سألته عن حاله وماذا سيفعل ؟ كانت إجابته :
(( سأستمر بغض النظر عما أشعر به ، لن أتوقف بعدما اجتزت ما أنجزته )) .
لقد عجبت دائما بإصراره ، وبعد عدة أسابيع تماثل أبو آدم للشفاء بإذن الله
، واستلم الرسالة التي ينتظرها ويعد العدة لها ، قال له الأمير : ( جهز
قناعك ، أنت ذاهب لجامو للانطلاق ) كاد أبو آدم يطير من الفرح والسعادة
وقال لي : ( أخيرا ، لقد أتيحت لي الفرصة للجـهاد في سبـيـل الله ) . بعد
أسبوعين ونصف التقيت مع أبو آدم في قاعدة الجهاد لنبدأ التغلغل في الوادي
المحتل ، كنا ننتظر الفرصة المناسبة للتغلغل حتى نهاجم أعداء الله من
الهندوس والسيخ الملعونين من الجيش الهندي ، فترة الانتظار هذه من أصعب
الفترات في حياة المجاهد ، وتسمى فترة الرباط ، يحتاج المجاهد فيها أن
يسيطر على أفكاره ومشاعره ويشغل وقته قبل المواجهة . شخصيته وأخلاقه :-
كان أبو آدم هادئ الطباع ولو تكلم بصوت عالي ، كان يتميز باللين والبساطة
وحلاوة المعشر لم يتصرف بغلظة أو يناقش بواقحة أي إنسان . كان دائما بعد
أن يؤدي صلاة الفجر يركض ما يقارب الميل والنصف وهو يحمل على ظهره حقيبة
تزن خمسون باوند من الحجارة ، ويتسلق برج المياه وهو يحمل هذه الحقيبة ثم
يعود إلى القاعدة ويتناول الإفطار مع إخوانه ، ثم يتوجه إلى المسجد الصغير
ويقوم بحفظ القرآن وبعد الأدعية المختارة من حصن المسلم . كنت أنظر لأخي
أبو آدم كزاهد حقيقي ، كان لا يتوانى في تقديم المساعدة والصدقة لإخوانه
المحتاجين ، وكان يلف عنقه دائما بوشاح ( غتره ) ذي اللونين الأبيض
والأسود ولقد رأيت